شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
88041 مشاهدة
من أخطئوا في الدليل لا في المدلول

ذكر بعد ذلك الذين يخطئون في الدليل لا في المدلول، يخطئون في الدليل لا في المستدل عليه، كثير من الصوفية والوعاظ والفقهاء وغيرهم يفسرون القرآن بمعانٍ صحيحة لكن القرآن لا يدل عليها، يفسرون القرآن بمعان صحيحة ولكن ليس سياق الآيات فيها، وإنما الآيات سيقت في المعاني التي فهمها السلف رحمهم الله، وإن كانت تلك المعاني ثابتة بأدلة أخرى.
مِثْل كثير مما يذكره أبو عبد الرحمن السلمي في حقائق التفسير، وإن كان فيما ذكره ما هو معان باطلة. فإن ذلك يدخل في القسم الأول وهو الخطأ في الدليل والمدلول جميعا؛ حيث يكون المعنى الذي قصدوه فاسدا، ويدخل في ذلك أيضا كثير من المتأخرين الذين يفسرون الآيات ويطبقونها على معان صحيحة ولكن لم تكن مذكورة في تفاسير السلف.